كم من أحلامٍ عظيمة دُفنت تحت أكوام "سأفعل ذلك غداً"، وكم من طموحات تحولت إلى ندمٍ يؤرق الليالي؟ إن التسويف لص ماكر يسرق منا أثمن ما نملك: الوقت والفرص، لكن الخبر السار أنه لص يمكن القبض عليه!
إن التسويف هو السلوك الذي يتضمن تأجيل المهام أو القرارات المهمة بشكل طوعي رغم توقع عواقب سلبية من هذا التأجيل.
وإن كلَّ "من زرع (سوف) لابد أن يحصد (ليت)" لأن "التأجيل هو الموت البطيء لمشاريعنا" وأمالنا. ولذلك قيل عنه في عبارة بليغة: "التسويف هو فن اللحاق بالأمس حسرةً على ما فات.
وها أنا ذا اكتب بعد هذه المقدمة خطوات التغلُّب على التسويف، وإن كان الأمر يحتاج إلى تفصيل موسَّع نرجئه إلى كتابٍ مركَّز ننشره في هذا المتجر إن شاء الله.
خطوات عملية مركزة للتخلص من التسويف
الخطوة الأولى: تقنية "الدقائق الخمس"
ابدأ بالعمل على المهمة المؤجلة لمدة خمس دقائق فقط، دون التفكير في إكمالها. هذه الدقائق الخمس تكسر حاجز البداية وتخدع العقل الذي يقاوم المهام الكبيرة، فالنفس البشرية تستثقل الجبال ولا تأبه بالحصى.
الخطوة الثانية: قاعدة "الضفدع الأكبر أولاً"
اختر أصعب مهمة في يومك وانجزها في بداية النهار عندما تكون طاقتك الذهنية في أوجها. فإذا أكلت ضفدعًا في الصباح، فلن يحدث لك شيء أسوأ بقية اليوم.
الخطوة الثالثة: تجزئة المهام إلى "لقيمات صغيرة"
قسّم المشروع الكبير إلى مهام لا تتجاوز الواحدة منها عشرين دقيقة. فالجبل الشاهق يُتسلق بخطوات صغيرة متتالية، والمحيط الواسع يُعبر بجدفات متواصلة.
الخطوة الرابعة: إنشاء "بيئة الإنجاز"
أزل كل مصادر الإلهاء من محيط عملك، وضع هاتفك في مكان بعيد، وأغلق مواقع التواصل الاجتماعي. اجعل من مكان عملك معبداً للتركيز لا يدنسه شيء سوى المهمة المطلوبة.
أنصحك بقراءة كتيب (حرر نفسك من إدمان تطبيقات التواصل) الموجود في المتجر. هذا إن يصعب عليك الانفكاك منه من الهاتف.
الخطوة الخامسة: نظام "المكافآت المتدرجة"
كافئ نفسك بعد إنجاز كل مرحلة بمكافأة تتناسب مع حجم الإنجاز. فالنفس تحتاج للترغيب كما تحتاج للترهيب، والعسل أبلغ في الإقناع من الخل أحيانًا.
ختامًا الأعمار تنقضي كطيف الحلم، والأيام تنسل كانسلال الماء من بين الأصابع. فمن أراد أن يكون له ذكر جميل وعاقبة حسنة بعد الممات، فليبادر قبل أن يقول ﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾.
إن التسويف قاتل صامت يغتال الأحلام ويدفن الطموحات، وما من يوم يطلع إلا ويقول: "أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد". فإما أن تكون من الذين استثمروا لحظاته، أو من الذين أضاعوها في وهم "الغد الآتي".
ابدأ الآن، فإن الوقت أثمن ما تملك، والفرصة الحالية أغلى من ألف فرصة موعودة. لا تكن ممن يحمل مفاتيح النجاح ولا يفتح بها إلا أبواب الندم.